بريق شمس

معظم الناس ينظرون إلى الأشياء التي تحدث ويقولون لماذا ؟ أما أنا فأنظر إلى الأشياء التي لم تحدث بعد وأقول لما لا

يوم ميلاد استثنائي ..

انقطاعي عن التدوين كان من ثماني أشهر تقريباً .. السبب أن كل ما كان لدي (قلته)..  سواء من خلال المدوّنة أو النقاشات الفردية والجماعية  أو الدروات التدريبية التي عقدتها في السابق ..

أما هذه المرحلة من حياتي .. فهي مرحلة تنويرية جديدة .. أحاول من خلالها إفراغ ذهني مما احتواه .. لأعيد ملؤه بجديد .. ربما قد ينقلني قفزات جديدة .. لأستطيع بعدها أن أشق طريقاً آخر.. طريقاً مختلفاً عن كل الطرق المنسوخة حولي ! ..

ولكن (1-5) أجبرني على الكتابة من جديد .. هذا اليوم الاستثنائي من حياتي ضغط علي بكل قوته لأكتب بكثافة ولا أختزل تفاصيله بخواطر سريعة على ال Facebook ..

العام الماضي وفي 30-4 -أي قبل مولدي بيوم واحد فقط- وصلتني منحة قبول من "أكاديمية إعداد القادة" .. واعتبرتها هدية الله لي :).
أما هذا العام فقد أكرمني الله ب (3) أحداث استثنائية .. سأفرد لها هذه التدوينة الخاصة لتبقى في محفظة الذاكرة ..
فثمة تفاصيل لا تضيع في زحام الذاكرة .. ثمة تفاصيل أؤمن بأنها هي (الذاكرة) !!


(1) فداء التي تعرفني أكثر من (نفسي) ومن (أمي) ومن (وطني) ..

فداء .. تلك الفتاة التي التقيتها على قارعة الطريق وصفحة القدر توجت عروساً في 1-5-2013 .. ولا أؤمن بأن ما حدث كان لمجرد الصدفة . لأن ما جمعني بفداء قوة أعظم من أي صدفة .. وها هي تلك القوة تشاء أن يكون مولدي وزواجها في نفس اليوم!

جمعني الله بفداء ما يقارب ال3 سنوات .. وقد كانت خلالها بمثابة هارون لموسى ..
فداء هي الشخص الوحيد الذي عرفني بكل ملامحي وتفاصيلي ..

في أول محاضرة لي بجامعة القدس كانت فداء تجلس على الكرسي القريب مني لتبقى روحها قريبة من روحي .. فتشد من أزري، وفي ذلك اليوم الذي طلب مني أن أكون عريفة الحفل في منتدى شارك الشبابي، كانت فداء تنتظرني من الساعة  التاسعة صباحاً لتقلل من توتري .. تمسك كلمات العرافة وتسير بجانبي ذهاباً واياباً وهي تردد الكلمات معي حتى اتقنها جيداً، وفي أول تصوير لي عن "موضوع القراءة" أتت خصيصاً لتشاركني حتى انتهاء التصوير بالكامل .. حتى ساعاته المتأخرة..

في حفل تخرجها أبت أن تكتب أي كلمة وأصرت على أن تلقي نفس الكلمة التي ألقيتها أنا في حفل تخرجي !
وقبل أن أقدم طلب الالتحاق في أكاديمية إعداد القادة ..  جلست بجانبي تحت شجرة في المسجد الأقصى وأنا أكتب الكلمة المسجلة وهي تشجعني بحرارة ومرح .. وأثناء وجودي بتركيا حدثتني لساعات على السكايب لترفع من روحي المعنوية وترتقي بعزيمتي .. وفي إحدى دوراتي أتت خصيصاً لتحضر وتنقدني ..

فداء شخص لا أترجم معه كلماتي .. ولا أرتبها .. ولا أفكر قبل أن أبوح بها .. فداء كانت تعرف كل ما يجول داخلي من مجرد التقاء عيني بعينيها ..
فداء .. علمتني الكثير من معاني الإنسانية .. بالرغم من كل الظروف الصعبة التي مرت بها .. علمتني الصبر والنقاء والجمال والرحمة .. جعلتني أكثر روحانية وإيماناً .. قربتني من الله أكثر ..

لا أعرف كم مرة جبت مع فداء ساحات المسجد الأقصى ونحن نتحدث في كل مواضيع الدنيا .. ولا أعرف كم مرة حدثت فداء عن أحلامي وكم مرة حدثتني عن طموحها .. ولا أعرف كم مرة أرسلت لفداء خططي وتصوراتي عن الحياة وبحت لها بكل خلجات نفسي.. ولا أعرف كم مرة قطعت ما يقارب ال10 كيلومتر من رام الله إلى الحاجز وأنا أسير مع فداء أو أتحدث مع فداء .. ولا أعرف كم مرة ضحكت مع فداء حد التعب..

قمة الجنون أن تتصل بأحدهم على الرابعة فجراً وتقول له أنا بحاجتك .. هناك موضوع شائك لا أستطيع انتظار الفجر حتى أناقشك به .. أنا فعلتها مع فداء! ..
قمت الجنون أن تقرر يوماً أن تذهب إلى مقبرة وكنيسة وخيمة اعتصام للتتعلم الفلسفة .. أنا فعلت هذا مع فداء ..

قرأت مع فداء أجمل كتبي .. جلست معها في رمضان أردد الحكم العطائية .. غنيت معها على شاطئ نهاريا لحمزة نمرة وفيروز ومارسيل .. ذهبت معها إلى عكا .. صعدت معها جبال الجليل مرتين.. طفت معها حارات وشوارع القدس حتى حفظتنا وأكلت معها عند العم أبو شكري حمص وفلافل حتى امتلأنا بعبق المدينة المقدسة.. كتفي كان ملاصقاً لكتفها في التراويح .. وقلبي كان مصافحاً لقلبها من اليوم الأول الذي عرفتها به ..

ودعت فداء بطريقتي الخاصة .. على مطلة جبل المكبر ..
كنت دائماً أظن بأنني لن أودع فداء .. وها هي المشيئة تقتضي أن نفترق لسنوات ..
كنت أظن بأنني لو ودعت فداء يوماً سأكون قد حددت طريقي ورأت هي طريقها ..
ودعتها وطريقي مجهول .. وودعتني وطريقها غير واضح المعالم ..

تعبت كثيراً مع نفسي في الأشهر الماضية وأنا أقنعها بأن فداء ستسافر .. وأحاول أقلمتها على ذلك..
كانت نفسي بعد كل محادثاتي معها .. تسألني سؤالاً واحداً ..
"لماذا جمعني الله بفداء وقرب من أرواحنا إلى درجة الروح الواحدة ثم أمر أن تنفصل طرقاتنا من جديد ل3 سنوات قادمة؟"..
وكنت بعد سؤالها أصمت ومن ثم .. أبتسم ..

فداء .. يا شقيقة الروح ..يا من جعلتيني إنساناً أجمل وأنقى وأعذب ..
 لك من روحي السلام ..
ومن قلبي عهد وفاء بأنك ستبقين مخلدة به ..
لن أعدك بأنني (لن أتخلى عنك) حتى لو أبعدتنا المسافات .. لأنك قلتي لي عبارة لن أنساها ..
"آلاء .. قولي لله أن يحافظ هو على صداقتنا .. فنحن اجتمعنا من خلاله وفي سبيله .. والله لا يفرق بين الأرواح" ..

فداء .. أيا شقيقة الروح .. يا حفيدة علي أبو الحسن .. ..يا أيتها السباحة الماهرة .. يا محبة الشاي الأخضر .. يا ابنة الأقصى ..   يا أجمل وأرقى وأعذب من عرفت  ..

 كوني بخير
 لأجلي .. لأجل القدس .. لأجل  أحلامك .. لأجل كل الأرواح التي تحبك ..
عديني بذلك :) .. 
.
.








زدني .. حُلمي

في الايام الأخيرة التي قضيتها في اسطنبول .. كنت إذا ما أسدل الليل غطاؤه الذي يقربنا من أنفسنا ويلغي كل حاجز بين الضمير والنفس والقلب .. جلست أتفكر ب(ماذا بعد ؟) .. ماذا بعد العودة ؟
وكان عندي جوابين فقط لكل تلك الأسئلة التي كانت تنهمر على عقلي المتعب ..

الجواب الأول : أن (خيري) هو لهذه البلاد .. فلسطين .. فأنا لم أشعر بحبي العظيم لكل ذرة تراب في وطني إلا عندما خرجت منه .. 
كنت كلما وقفت مع مجموعة شبابية وسمعتهم يتحدثون عن إنجازاتهم في بلادهم طار قلبي إلى فلسطين حباً وألماً وأملاً .. 
إحساساً عظيماً كان يشدني لكل شارع منها وحارة .. شعرت كم هي محفورة بداخلي وكم أنا جزء منها .. 
كان رجائي دائماً ولا زال .. أن أكون لها .. لترابها .. لفلسطين ..
كان قراراً -وأدعو من الله أن يساندني لأجله- أن أعيش لأجل أن أكون لها ولشبابها.. 

الجواب الثاني : بمجرد عودتي كنت عازمة على قرع أبواب نادي زدني طلباً للتطوع به ..
وهناك ويال الدهشة وجدت فتية الكهف .. وجدت من قال الله فيهم " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى" .. 
زدني .. حلمي الذي كنت دائماً أحلم به .. وقد منّ الله علي بأن أجده متمثلاً أمامي ..  وجهاً لوجه .. 
زدني .. الذي كسر الحدود .. وأعاد لملمة فلسطين التاريخية ب (اقرأ) .. ب(فكر) .. ب(تأمل) ..
زدني الذي استطاع خلال العام الماضي فقط أن يصل إلى 13 مدينة فلسطينية منها (القدس .. غزة .. إم الفحم .. رهط .. طوباس . .رام الله .. نابلس .. جنين .. بيت لحم .. طولكرم .. وغيرها الكثير) ..
زدني الذي حاول ويحاول الخروج عن الكثير من المسلمات والحديث الخطابي المعتاد وجلسات المثقفين المملة .. ليصل إلى أرواح الشباب وعقولهم مباشرة..
زدني الذي سيصبح -على عين الله- وأنا موقنة .. أعظم تيار معرفي يجوب فلسطين من شمالها إلى جنوبها ..
زدني الذي وجدت به نفسي وحلمي وأملي ومستقبل بلادي الذي أتوق إليه .. كان ميلاده في نفس يوم ميلادي 1-5 ..
وأنا لا أؤمن بالصدف :) 








حلقة دون الزرقاء .. 

كانت رواية " الضوء الأزرق" من أكثر الروايات تأثيراً بي .. حتى أن طريقة قرائتها كانت مميزة .. فقد قرأت الكثير منها على طريق رام الله -نابلس بين الجبال الخضراء .. وناقشتها مع ثلة شبابية راقية في أحد الصالونات الزدنوية في نابلس المدينة الأقرب إلى روحي بعد القدس ..

هناك مقطع من الرواية أذكر بأنه هزني بقوة  وقتها وقرأته عدة مرات .. كان المقطع يقول : 


ليلتها جاءني "دون" على بيتي، لحيته تقطر مطراً وهيئته يرثى لها ، وفي يده حلقة خشبية متسخة ومبلولة.
فناولني حلقة الخشب قائلاً:
"هذه هدية لك، وجدتها في صندوق القمامة".
"وما هي دون ؟".
"خذها .. هذه هي العقل.. دائرة من 360 زاوية، وبين كل زاوية وأخرى زوايا لا نهائية".
"نعم، زوايا لا نهائية، دون، ولكن ما دخل ذلك بالعقل؟".
 قال: "كل زاوية طريقة نظر إلى الدنيا وإلى الحياة، تعلم من هذه الخشبة أن ترى دائرياً، ب 360 درجة، أقعد في الفراغ الذي في الوسط، وانظر دائرياً، وابق قاعداً في الفراغ".
واختفى ثانية في العتم والمطر، لينام في الشارع ..


كل الذي حدث معي .. أن النبوءة قد تحققت فعلاً .. فقد شاهدت إنساناً يعيش في الفراغ !
نعم .. رأيت أحدهم وهو ينظر إلى الدنيا ب 360 درجة ! :) 





آه .. قبل أن أختم .. 
فيما يتعلق ب رقم (24) .. الذي أصبح يرافقني اليوم .. 
في الحقيقة دائماً ما كنت أشعر بأنني أجري وراء عمري .. ولم أشعر يوماً بأنني أسير إلى جانبه .. لا شكلاً ولا مضموناً .. 
هذا الرقم لا يمثلني ولن يمثلني يوماَ .. 
أحب أن أقف عند يوم ميلادي.. وأعتبره محطة وسط هذا النهر المتدفق .. لأنه يذكرني بنفخة الله داخلي .. بأحلامي .. بذكرياتي..
أما فكرة الأرقام فكلها وهم .. 
صنم آخر من أصنام المجتمع يقاس عليه الكثير من الأمور .. وكل ذلك زيف ..
وأرى بأن الرسول -عليه السلام- حطم هذا الوهم أكثر من مرة في حياته ولم يجعل له اعتباراً أو قيمة .. 
وقد نصب أسامة بن زيد أميراً على الجيش وهو لم يبلغ العشرين .. ولم يجعل للعمر الزمني لدخول أبي ذر في الإسلام اعتباراً عندما طلب منه أن يستلم الإمارة ورفض طلبه.. 

أنا أؤمن فقط بكلمات د.همام يحيى .. هي دستوي ومرجعي ومذهبي ..

"الزمن فكرة مرعبة، نخفف من رعبها بالأسماء والتواريخ والمناسبات .. تخيل أيام الأسبوع بلا أسماء، فلا شيء في "الأحد" مختلف فعلاً عن "الإثنين" .. سيعني هذا أنه لا أسبوع أصلاً .. 

وتخيل أنه لا أسماء للشهور .. لن يكون هناك بالتالي سنوات .. سنسبح في نهر صامت من الوقت، سأنسى أنني كائن ممتد من سنة ما إلى سنة ما، سأكف عن النظر إلى نفسي كخط امتد من نقطة إلى نقطة على خط لا نهائي من الزمن .. 

سيصبح الزمن الوحيد هو زمني .. (حبي وخوفي وإيماني وشكي وأصدقائي وسعادتي وحزني وكتبي) .. لن يعود ثمة حيز خارجي عني اسمه الزمن .. سأصبح أنا زمني و زمني أنا .. وستصبح أنت زمنك وزمنك أنت .. وسيصبح زمننا المشترك ما حصل بيننا .. 

سأقول إني أعرفك منذ حب و ثلاثين كتاباً و بيتين و ضحكات لا تعد و خمس دمعات مسحتَ ثلاثاً منها و استحت منك اثنتان فعادتا إلى عيني" .. 

أختلف معه فقط في الشق الأخير فدمعاتي عادة لا تستحي وتنهال كلها :) 





كل القادم سيكون أعظم .. أجمل .. أنقى ..
يا رب ساعدني على إفراغ ذهني من مسلماتهم واملؤه بنورك .. 
يا رحمن أنقذني بحبلك الممدود من شخصانيتي إلى رسالتك .. ومن ظلمتي إلى هداك .. 
يا عظيم أزل بقايا الضباب وارزقني شرف السير بالطريق مع من تحبهم وترضاهم ..
يا واسع .. ارزقني سعة في العقل والقلب والروح .. 
اجعلني أرى ب 360 درجة :) .. يا رب ..  

يا رب .. اصنعنا على عينك .. 
نحن لك .. استعملنا ولا تستبدلنا 

1-5-2013 








3 التعليقات:

أندلس 4 مايو 2013 في 12:19 م  

ما أجمل روحك, ونظرتك للأمور.. تدوينة مليئة بالحب :)

لك خالص تقديري
أندلس

رذاذ المطر 4 مايو 2013 في 3:46 م  

عودة محمودة

ما أجمل الحياة وسط روح الأخوة
الصادقة ووسط العمل والبناء من
أجل رفعة الدين

حقق الله لك كل أمنياتك
ولا تتأخري علينا مرة
أخرى

Samar Ali 6 مايو 2013 في 1:24 م  

وكانت قرائتي لها استثنائية..

أعادتِ لي بعضاً من روحي يا آﻻء، شكراً بحجم سعة الكون .. ت

إبحث في بريق شمس



Leave the world a little better than you found , take no more than you need , try not to harm life or environment...

مدونة بريق شمس. يتم التشغيل بواسطة Blogger.
  • التاريخ خارطة البشرية التي تثرثر كثيراً عن أولئك الذين صنعوه ... ولا يمكن أن نتجاهل أبداً تلك الوجوه التي نحتت على الصخر صورها بينما كان البقية يتأملون وجوههم على صفحة الماء ! .. علا باوزير


    التدوين : هو أن تنظر إلى حدث عادي بنظرة غير عادية فتصنع منه حدثاً غير عادياً

    قال تعالى : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
  • مدونة لكل شباب النهضة ... لكل الشباب الذين قرروا أن يكونوا متميزين بدينهم وعلمهم وإبداعاتهم
    كل التحية والاحترام لكم
    آلاء سامي

حياتي كلها مهر لأمتي

حياتي كلها مهر لأمتي

إهداء من الصديقة نادية درويش

إهداء من الصديقة نادية درويش
:) من على متن الكتاب .. ومن أمام الشمس

يقظة فكر - معانقة الفكر مع الفن -

" هدية من فريقي المميز "عائلة إبداع

" هدية من فريقي المميز "عائلة إبداع
نرى ما لا يراه الآخرون

إعلام ينبض شباباً

إعلام ينبض شباباً
شارك لننقل الإعلام نقلة جديدة تمثلنا

أكاديمية إعداد القادة ... خطوة للأمام

" أبي الروحي " د.مصطفى محمود

" أبي الروحي " د.مصطفى محمود
كلمات هذا الرجل تدهشني

! قلمي يكتب هنا أيضاً

! قلمي يكتب هنا أيضاً
.أول مجلة تكنولوجية تصدر بالعربية في فلسطين

Facebook مدونتي على موقع ال


المتابعون

... إقرأ أيضاً

..بقلم

صورتي
اللهم إجعلني من مُجددات الأمة ... اللهم واجعل كلماتي تصل إلى الآفاق ~

عدد المشاهدات

أرشيف المدونة