أتعرفين عروساً لإبني ؟

تدوينة اجتماعية  تقرأ في (5 ) دقائق تقريباً ...

كنت في طريق عودتي إلى البيت , عندما وقفت أمامي سيارة تقودها إحدى النساء ...

اعتقدت أنها قد أضلت الطريق , أو أنها تريد أن تسألني عن أحد الأماكن الموجودة في منطقتنا ...

ولكن ظنوني كلها كانت خاطئة !!

أطلت المرأة من النافذة وقالت لي : " أريد أن أخطب لإبني , هل تدليني على  فتاة لها عينين زرقاوتين لعلي أخطبها لابني ؟ " .

بصراحة لم أعرف ماذا أفعل , استوقفتني من بين كل الناس لأدلها على فتاة لها عينين زرقاوتين لإبنها !!

وقفت أحدق بها  قليلاً ثم قلت : لا , وأكملت طريقي ومئات الافكار تتخبطني ...

بصراحة , لو قالت لي :

أتدليني على فتاة متعلمة  ذات أخلاق وسمعة عطرة لإبني والله ما أحزنني سؤالها .

ولكن إلى متى ستبقى  هذه العادات والتقاليد المتعفنة التي بالفعل أصبحت كالوباء في مجتمعنا؟

وإلى متى ستبقى الفتاة في عيون الكثيرين  " جمال "  فقط ؟

أرى من تتزوج وهي في الخامسة عشرة والسادسة عشرة ... ليخرج الناس بعد الزفاف  يقولون عروس جميلة جداً ما شاء الله  !!!!

وأنا كالعادة أقف أنظر إليهم وقلبي يتقطع على أجيال ستخرج بأم لم تكمل حتى تعليمها المدرسي !!

كيف ستنصح هذه الأم ابنتها غداً إن قررت أصلاً أن تدخلها الجامعة ؟

ستقولون لي هناك حالات استثنائية الفتاة تكون فيها مثقفة ولكن ظروفها .. الخ , أقول كم نسبة هذه الاستثناءات ؟

ولكن ما نراه ليس كذلك ... 

نرى أهل يزوجون فتيات لم يعرفن شيئاً عن الحياة بعد ...

نرى أهل ما زال تعليم الفتاة لديهم مشكلة ... لأنهم يرون أن الفتاة " لو ذهبت إلى المريخ آخرتها للطبيخ !! " 

نرى أهل يحرمون بناتهم من التعليم الجامعي بحجة الخوف على الفتاة ...

الخوف من ماذا ؟ 

طالما أنك حضنت بذرتك , ربيتها واعتنيت بها , وسقيتها حب الدين والأخلاق والصفات الحميدة ..

كيف تخاف على هذه البذرة وإن رميتها في غابة ... فهي في النهاية ستزهر وتخرج أوراقها الخضراء حتى لو كان من حولها وحوش ...

سيبقى فقط عليك أن ترعى هذه البذرة, تحرص عليها و تجعلها صديقة لك لتخبرك بكل شيء يحدث معها لتقف بجانبها ..

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

تقولون اليابان بلد متحضر ... وأوروبا بلد متحضرة ... نعم , فالأولاد هناك ينشؤون قراء على أحضان أمهاتهم ...

فهل ستفكر بنت الخامسة عشرة أن تنشئ جيل النهضة مثلاً ؟  وهل هي بالأصل تعرف شيئاًعن النهضة ؟؟

حتى لا تقولوا بأنني أبالغ ... أنظروا إلى إجابات أطفال الغرب وأطفال أبناء المسلمين ... أنظروا لإجابات النساء الغربيات ونساء العالم العربي !!

شاهدوا ....

نحن فقط محتلين بأفكارنا ..

فدور المرأة خطير جدأ وقد شاركت الآلاف منهن في صناعة النهضة وإخراج أجيال رائعة ...

وقد كان للمرأة دور كبير ورائع في حياة الرسول  عليه الصلاة والسلام وفي إخراج جيل صلاح الدين الذي أعاد القدس ... 

فهذا الجيل لم يخرج من فراغ بل خرج من أرحام نساء بذلوا الكثير وضحوا بالكثير من أمثالهن :

1-عائشة بنت محمد البغدادي : التي كرست وقتها لوعظ النساء وصارت من طلائع الوعظ والإرشاد والعبادة والصلاح .

2-تاج النساء التكريتي : درست مع زوجها في المدرسة القادرية التي أنشأها عبد القادر الجيلاني ثم صارت من العالمات الواعظات المشهورات في جهادها التربوي.

3-خاصة العلماء بنت المبارك الأنصاري: بنت لها رباطاً بباب الأزج في بغداد تتكلم فيه بالوعظ على النساء وتعليم البنات.

4-شمس بنت عبد الجليل: برزت في الوعظ والنشاطات الإسلامية.

5-جوهرة الدرامي : درست على علماء عصرها ثم استمرت في جهادها التربوي.

6-شهدة بنت أحمد المعروفة ب (فخر النساء) : والتي أصبحت من كبار العلماء وقادة الإصلاح , ودرس على يدها خلق كبير من الرجال والنساء ,كما درست قبل ذلك على يد كبار العلماء .

وما هذه النساء إلى عينة قليلة جداً من آلاف كانوا سبباً في إخراج جيل النهضة ...

كما كان للنساء دور كبير في حركة الجهاد التي قادها كل من نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي وقد ضم جيل الجهاد النسائي نساء من كافة الطبقات , ابتداء من نساء القيادة حتى نساء الطبقات الشعبية .

وبالنهاية أختم ببعض ما قاله  د.مصطفى محمود في كتاب " حوار مع صديقي الملحد "  حيث قال :

أما البقاء في البيوت فهو أمر وارد لزوجات النبي باعتبارهن مثلا عليا “ وقرن في بيوتكن “ .

وهي إشارة إلى أن الوضع الأمثل للمرأة هي أن تكون أماً وربة بيت تفرغ لبيتها ولأولادها.

ويمكن أن نتصور حال أمة نساؤها في الشوارع والمكاتب وأطفالها في دور الحضانة والملاجئ .. أتكون أحسن حالاً !! أو أمة النساء فيها أمهات وربات بيوت والأطفال فيها يتربون في حضانة أمهاتهم والأسرة فيها متكاملة الخدمات ...الرد واضح.

ومع ذلك فالإسلام لم يمنع المقتضيات التي تدعو إلى خروج المرأة وعملها .. وقد كانت في الإسلام فقيهات وشاعرات وكانت النساء يخرجن في الحروب .. ويخرجن للعلم . إنما توجهت الآية إلى نساء النبي كمثل عليا ، وبين المثال والممكن والواقع درجات متعددة .. وقد خرجت نساء النبي مع النبي في غزواته  وينسحب على هذا أن الخروج لمعونة الزوج في كفاح شريف هو أمر لا غبار عليه .

ويقول :

وإذا كان الله قد اختار المرأة للبيت والرجل للشارع
فلأنه عهد إلى الرجل أمانة التعمير والبناء والإنشاء

بينما عهد إلى المرأة
أمانة أكبر وأعظم هي تنشئة الإنسان نفسه

وإنه من الأعظم لشأن المرأة أن تؤتمن على هذه الأمانة

فهل ظلم الإسلام النساء !!؟

أيها الشاب ...

إذا أردت أن تحكم على جمال امرأة , فلا تنظر إليها بعينيك , وإنما أنظر إليها بعقلك لترى ماذا يختفي وراء الديكور , المرأة كتاب عليك أن تقرأه بعقلك أولاً وتتصفحه دون النظر إلى غلافه , قبل أن تحكم على مضمونه ذوق الناقد وليس ذوق العاشق هو الذي سيدلك ...