"حتى الأفكار تولد وتورق وتزدهر في رؤوسنا ثم تذبل وتسقط .. حتى العواطف تشتعل وتتوهج في قلوبنا ثم تبرد .. حتى الشخصية كلها تتحطم شرنقتها مرة بعد أخرى وتتحول من شكل إلى شكل...
إننا معنوياً نموت وأدبياً نموت ومادياً نموت في كل لحظة"
د.مصطفى محمود
وحل الشخصانية الذي كنت يوماً أقرأ عنه في الكتب ... طالني حتى وجدت نفسي أغرق به شيئاً فشيئاً لدرجة أنني توحلت !
مررت بالكثير من التخبطات ... لدرجة أنني كنت أشعر بأن العالم كله متوقف عند همومي ! ..
وجدت نفسي في صراع بين ما أؤمن به وأدعو له وبين ما يفرضه الواقع وتمليه الظروف ..
نزلت لأرض الواقع فعشت مع أزمة البطالة المقنعة والبطالة الحقيقية ... رأيت طاقات الشباب تُهدر وتُقتل ببطأ ...
وجدت نفسي في منعطف طريق بين دوافعي الداخلية وبين ضجيج العالم الخارجي !
وصلت لمرحلة .. شعرت بها بأن أحلامي كلها بدأت تذوب ..
عشت أياماً في صراع بين سهولة الكلمات .. وصعوبة التطبيق !
فقررت بعد كل تلك الأيام أن أدرك نفسي .. حتى لا أصبح ضحية واقع رقم .... .
وفي لحظة ما سألت نفسي وماذا سيحدث لو سقطت ؟
فكانت الإجابة : لن يحدث أي شيء خطير! ..
كيف لا ، وضحايا الواقع حولي في كل مكان !
الغريب في مجتمعاتنا -أصلاً - أن لا تكون ضحية !
الأبطال قلة .. حتى في معادلة التغير 2 % هم من يصنعون التاريخ ، ولا نجد بأن التاريخ يلقي بالاً لغيرهم ..
وفي يوم من أيام التخبط تلك عادت تدندن في أذني تلك الكلمات التي تغنى بها أبي الروحي يوماً :
"و لماذا اليأس و صورة الكون البديع بما فيها من جمال و نظام و حكمة و تخطيط موزون توحي بإله عادل لا يخطئ ميزانه كريم لا يكف عن العطاء؟
لماذا لا نخرج من جحورنا و نكسر قوقعاتنا و نطل برؤوسنا لنتفرج على الدنيا و نتأمل ؟
لماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة و ما وراءها ثم إلى الله الذي جئنا من غيبه المغيب و مصيرنا إلى غيبه المغيب؟
لماذا ننسى أن لنا أجنحة فنجرب أن نطير و نكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن و نغوص في الوحل و نغرق في الطين و نسلم قيادتنا للخنزير في داخلنا لماذا نسلم أنفسنا للعادة و الآلية و الروتين المكرر و ننسى أننا أحرار فعلاً ؟ "..
وفعلاً قررت بعدها أن أبدأ رحلة تهذيب نفسي ...
سألت نفسي كيف أستطيع أن أفعل ذلك ؟
كيف أخرج من همومي الذاتية لأصل للعالم الأكبر ؟
كيف أعيد نفسي لذلك الطريق الذي أحببت ؟
كيف أتحرر من قيود الواقع وأحلق في سماء الكون البديع ؟
كيف أستطيع أن أخرج من وحل الشخصانية إلى غايات عظمى تستطيع أن تغير حياتي وتغير العالم ؟
أريد شيئاً يهزني من الأعماق !
وفي إحدى الليالي خطر على بالي فكرة مجنونة ... وهي أن أقف أمام أكبر حقيقة في الكون وجهاً لوجه ...
قررت بأن أحاول الوصول لإنسانيتي إلى أبعد مدى ..
قررت أن أرى النهاية لأعود وأرسم البداية من جديد ..
قررت أن أعالج نفسي بالفلسفة !
قررت أن أذهب إلى المقبرة !
من أين أتى ذلك الشعور لا أعلم !
كل ما أعرفه أنني تمنيت للحظات أن اضع رأسي على أحد القبور وأنظر للعالم من هناك ...
فهذا سيبقى أفضل من قراءة رواية عالم صوفي في تاريخ الفلسفة والبحث عن الحقيقة !
سرت هناك بين تلك القبور التي تخفي في داخلها روايات وقصص ...
قبر الحاج ابراهيم حسين ، الفاتحة على روح الحاج سالم أحمد، قبر عائلة الدقاوي ، ضريح الحاجة أفنان العسلي ...
ومئات غيرهم ...
قلت لنفسي : يوماً ما كان كل أولئك البشر أحراراً ولديهم أمنيات ...
من يريد منهم أن يعود مرة أخرى لينتصر لنفسه ؟
من يتمنى منهم أن يعود ليحدد مصيره بنفسه دون أن ينقاد للواقع ؟
من منهم قدم شيئاً ما للعالم ؟
ياااه ...
تابعت السير وبدأت أدقق بالأسماء ... مممم لا أعرفهم جميعاً ... ولكن هناك بعض الألقاب التي تميز شخص عن شخص آخر ..هناك من يسبق اسمه لقب شهيد وهناك من يسبق اسمه لقب صحابي وهناك من احتفظ الله بلقبه إلى يوم القيامة ...
هل تتخيل مثلاً أن يكون لقبك : حبيب الله ؟ :)
بعد ذلك أسدلت رأسي على أحد القبور وأغمضت عيني للحظات .. شعرت بشعور عجيب ... عجيب جداً ...
تنفست بعمق ...
فتحت عيناي وأخذت أنظر للعالم من هناك .. كل من حولي أموات وأنا ما زلت أتنفس ...
خلفي تماماُ شخص قد فارق الحياة ... أما انا فما زلت أتنفس !
تذكرت في تلك اللحظات عبارة قرأتها في كتاب " روبن شارما .. الراهب الذي باع سيارته الفيراري " في إحدى الحافلات ...
وشعرت برغبة جامحة لقراءتها...
" إنني متأكد من أنه في اليوم الذي أتحكم فيه بمصيري ، لن يقف شيء حائل في سبيل تحقيق المهام المنوطة بي ، ولن تكون آلام الحياة وعذاباتها أبشع من أتحملها ، وطالما أن لدينا إيماناً بقضيتنا وإرادة لا تقهر للفوز ، فإننا سننتصر لا محالة " .
ونستون تشرشل
نهضت من مكاني وتابعت السير ...
الحياة كلها ما زالت بين يدي ... مصيري ما زال بين يدي ...
شعرت بسعادة غامرة ...
شعرت بإنسانيتي ...
شعرت بأن الله لا يزال يعطيني فرصة لأحيا وأغير العالم ...
شعرت وكأن كل من هم في داخل تلك القبور يريدون أن يقولوا لي : لا تستسلمي !!
شعرت بأن كل منهم يريد أن يقول لي : لو زلت حياُ لفعلت كذا وكذا ... انتهزي الفرصة وافعلي كل ما تتمني قبل أن تفارقي العالم..
لن نعيش إلا مرة واحدة ...
فلنجعلها حياة رائعة ...
لنحلم ... لنتحدى ... لنغيير ...
حتى لو فشلنا مرة وهزمنا أمام أنفسنا ...
ما زال هناك فرص أخرى كل يوم ...
حتى لو صفعنا الواقع ... ما زلنا قادرين على النهوض من جديد ..
أشعة الشمس انسدلت على المكان بهدوء وحنان ...
حضنت العالم من جديد ...
ابتسمت :)...
أعدك يا الله بأنني سأحاول وأحاول ...
أعدك يا الله بأنني سأفعل كل ما بوسعي لأنشر السعادة في هذا العالم ...
يا رب استخلصني لنفسك ...
علمني كيف أكون لك بكلي لا ببعضي ...
يا رب استعملني ولا تستبدلني ..
يا رب أخرجني بحبلك الممدود من ظلمتي إلى نورك ... ومن وحل الشخصانية إلى العالم الأكبر !
يا رب ... أحبك كثيراً ..
وصيتي عودوا واقرؤوا في بريقُ شمس ... فصاحبتها لم تُجن بعد :)
شكر خاص لصديقتي الغالية "فداء عويسات " على مرافقتي في هذه المغامرة الرائعة :)
احترامي ،
آلاء سامي
14 ديسمبر 2011
إننا معنوياً نموت وأدبياً نموت ومادياً نموت في كل لحظة"
د.مصطفى محمود
وحل الشخصانية الذي كنت يوماً أقرأ عنه في الكتب ... طالني حتى وجدت نفسي أغرق به شيئاً فشيئاً لدرجة أنني توحلت !
مررت بالكثير من التخبطات ... لدرجة أنني كنت أشعر بأن العالم كله متوقف عند همومي ! ..
وجدت نفسي في صراع بين ما أؤمن به وأدعو له وبين ما يفرضه الواقع وتمليه الظروف ..
نزلت لأرض الواقع فعشت مع أزمة البطالة المقنعة والبطالة الحقيقية ... رأيت طاقات الشباب تُهدر وتُقتل ببطأ ...
وجدت نفسي في منعطف طريق بين دوافعي الداخلية وبين ضجيج العالم الخارجي !
وصلت لمرحلة .. شعرت بها بأن أحلامي كلها بدأت تذوب ..
عشت أياماً في صراع بين سهولة الكلمات .. وصعوبة التطبيق !
فقررت بعد كل تلك الأيام أن أدرك نفسي .. حتى لا أصبح ضحية واقع رقم .... .
وفي لحظة ما سألت نفسي وماذا سيحدث لو سقطت ؟
فكانت الإجابة : لن يحدث أي شيء خطير! ..
كيف لا ، وضحايا الواقع حولي في كل مكان !
الغريب في مجتمعاتنا -أصلاً - أن لا تكون ضحية !
الأبطال قلة .. حتى في معادلة التغير 2 % هم من يصنعون التاريخ ، ولا نجد بأن التاريخ يلقي بالاً لغيرهم ..
وفي يوم من أيام التخبط تلك عادت تدندن في أذني تلك الكلمات التي تغنى بها أبي الروحي يوماً :
"و لماذا اليأس و صورة الكون البديع بما فيها من جمال و نظام و حكمة و تخطيط موزون توحي بإله عادل لا يخطئ ميزانه كريم لا يكف عن العطاء؟
لماذا لا نخرج من جحورنا و نكسر قوقعاتنا و نطل برؤوسنا لنتفرج على الدنيا و نتأمل ؟
لماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة و ما وراءها ثم إلى الله الذي جئنا من غيبه المغيب و مصيرنا إلى غيبه المغيب؟
لماذا ننسى أن لنا أجنحة فنجرب أن نطير و نكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن و نغوص في الوحل و نغرق في الطين و نسلم قيادتنا للخنزير في داخلنا لماذا نسلم أنفسنا للعادة و الآلية و الروتين المكرر و ننسى أننا أحرار فعلاً ؟ "..
وفعلاً قررت بعدها أن أبدأ رحلة تهذيب نفسي ...
سألت نفسي كيف أستطيع أن أفعل ذلك ؟
كيف أخرج من همومي الذاتية لأصل للعالم الأكبر ؟
كيف أعيد نفسي لذلك الطريق الذي أحببت ؟
كيف أتحرر من قيود الواقع وأحلق في سماء الكون البديع ؟
كيف أستطيع أن أخرج من وحل الشخصانية إلى غايات عظمى تستطيع أن تغير حياتي وتغير العالم ؟
أريد شيئاً يهزني من الأعماق !
وفي إحدى الليالي خطر على بالي فكرة مجنونة ... وهي أن أقف أمام أكبر حقيقة في الكون وجهاً لوجه ...
قررت بأن أحاول الوصول لإنسانيتي إلى أبعد مدى ..
قررت أن أرى النهاية لأعود وأرسم البداية من جديد ..
قررت أن أعالج نفسي بالفلسفة !
قررت أن أذهب إلى المقبرة !
من أين أتى ذلك الشعور لا أعلم !
كل ما أعرفه أنني تمنيت للحظات أن اضع رأسي على أحد القبور وأنظر للعالم من هناك ...
فهذا سيبقى أفضل من قراءة رواية عالم صوفي في تاريخ الفلسفة والبحث عن الحقيقة !
سرت هناك بين تلك القبور التي تخفي في داخلها روايات وقصص ...
قبر الحاج ابراهيم حسين ، الفاتحة على روح الحاج سالم أحمد، قبر عائلة الدقاوي ، ضريح الحاجة أفنان العسلي ...
ومئات غيرهم ...
قلت لنفسي : يوماً ما كان كل أولئك البشر أحراراً ولديهم أمنيات ...
من يريد منهم أن يعود مرة أخرى لينتصر لنفسه ؟
من يتمنى منهم أن يعود ليحدد مصيره بنفسه دون أن ينقاد للواقع ؟
من منهم قدم شيئاً ما للعالم ؟
ياااه ...
تابعت السير وبدأت أدقق بالأسماء ... مممم لا أعرفهم جميعاً ... ولكن هناك بعض الألقاب التي تميز شخص عن شخص آخر ..هناك من يسبق اسمه لقب شهيد وهناك من يسبق اسمه لقب صحابي وهناك من احتفظ الله بلقبه إلى يوم القيامة ...
هل تتخيل مثلاً أن يكون لقبك : حبيب الله ؟ :)
بعد ذلك أسدلت رأسي على أحد القبور وأغمضت عيني للحظات .. شعرت بشعور عجيب ... عجيب جداً ...
تنفست بعمق ...
فتحت عيناي وأخذت أنظر للعالم من هناك .. كل من حولي أموات وأنا ما زلت أتنفس ...
خلفي تماماُ شخص قد فارق الحياة ... أما انا فما زلت أتنفس !
تذكرت في تلك اللحظات عبارة قرأتها في كتاب " روبن شارما .. الراهب الذي باع سيارته الفيراري " في إحدى الحافلات ...
وشعرت برغبة جامحة لقراءتها...
" إنني متأكد من أنه في اليوم الذي أتحكم فيه بمصيري ، لن يقف شيء حائل في سبيل تحقيق المهام المنوطة بي ، ولن تكون آلام الحياة وعذاباتها أبشع من أتحملها ، وطالما أن لدينا إيماناً بقضيتنا وإرادة لا تقهر للفوز ، فإننا سننتصر لا محالة " .
ونستون تشرشل
نهضت من مكاني وتابعت السير ...
الحياة كلها ما زالت بين يدي ... مصيري ما زال بين يدي ...
شعرت بسعادة غامرة ...
شعرت بإنسانيتي ...
شعرت بأن الله لا يزال يعطيني فرصة لأحيا وأغير العالم ...
شعرت وكأن كل من هم في داخل تلك القبور يريدون أن يقولوا لي : لا تستسلمي !!
شعرت بأن كل منهم يريد أن يقول لي : لو زلت حياُ لفعلت كذا وكذا ... انتهزي الفرصة وافعلي كل ما تتمني قبل أن تفارقي العالم..
لن نعيش إلا مرة واحدة ...
فلنجعلها حياة رائعة ...
لنحلم ... لنتحدى ... لنغيير ...
حتى لو فشلنا مرة وهزمنا أمام أنفسنا ...
ما زال هناك فرص أخرى كل يوم ...
حتى لو صفعنا الواقع ... ما زلنا قادرين على النهوض من جديد ..
أشعة الشمس انسدلت على المكان بهدوء وحنان ...
حضنت العالم من جديد ...
ابتسمت :)...
أعدك يا الله بأنني سأحاول وأحاول ...
أعدك يا الله بأنني سأفعل كل ما بوسعي لأنشر السعادة في هذا العالم ...
يا رب استخلصني لنفسك ...
علمني كيف أكون لك بكلي لا ببعضي ...
يا رب استعملني ولا تستبدلني ..
يا رب أخرجني بحبلك الممدود من ظلمتي إلى نورك ... ومن وحل الشخصانية إلى العالم الأكبر !
يا رب ... أحبك كثيراً ..
وصيتي عودوا واقرؤوا في بريقُ شمس ... فصاحبتها لم تُجن بعد :)
شكر خاص لصديقتي الغالية "فداء عويسات " على مرافقتي في هذه المغامرة الرائعة :)
احترامي ،
آلاء سامي
14 ديسمبر 2011
4 التعليقات:
الاء \.
يومي هذا كان من الأيام التي اغتالني فيها غضب الحيااة
وها هنا اعود مع كلماتك الي مفترقي
\. سُعدت بجرعة الغلوكوز من جديد
\. دُمتي الاء النعم .(؛
ومنذ نعومة اظافري .. كان هذا المكان جزئا لا يتجزأ من حياتي ..
في كل سنة على الاقل ازوره مرتين ...
ولم تكن اهدافي واضحة .. لكني رغما عني .. احسست بما سميته الانسانية ..
كثيرا ما شهدت هذه الاحجار دموعي ، لا اكذب عندما اقول ان هذا المكان يعني لي أكثر من الكثير ..
حتى وان اخذتني الحياة بعيدا .. ساعود اليه .. لارى وجه ابي يبتسم لي فاقوي الهمة واعود للحياة من جديد ..
واخر مرة ستكون لي هناك حيث اعانق التراب الذي احتصن أحبائي من قبلي..
شكرا صديقتي .. لربما لم اذهب اليوم بجسدي هناك .. لكنكٍ بكلماتك أعدتي روحي ..
وهمة جديدة اليوم ..
أبدعتي لولو ..
تتوه مني الحروف وأعجز عن وصف مغامرتك هذه... أعشق عبارات استعملت هنا... وأطلق عهدا بأن تكون حياتي من صنع أفكاري... لا من صنع واقعي... ليس لكم من جزاء عندي إلا دعاء بأن يسعد الله قلوبكم ويجي آمالكم و قبل كل هذا أن يجزيكم الجنة.
اجمل ما في المغامرات ... انها تجعلنا نري الحقيقة ... كما لم نراها من قبل ... وكانها ازاحة للغبار من علي عدسات الروح والعقل .
تحياتي لكي في مرور اول
إرسال تعليق