تُقرأ في (3) دقائق تقريباً ...
أقرأ هذه الأيام في كتاب " الروح والجسد " للدكتور مصطفى محمود وقد استوقفتني هذه الصفحات كثيراً ...
أتوقع بأن كل من يقرأها بتمعن سيستطيع أن يغير الكثير من أفكاره ... بل سيستطيع أن يُجدد حياته ويبدأ بحياة جديدة رائعة حقاً ..
هذه هي حقيقة حية بين أيديكم ينقلنا إليها هذا الرجل المبدع ...
أترككم مع كلماته وأتمنى لكم قراءة ممتعة ...
لماذا معظمنا نمل وصراصير ؟
النملة التي تسكن شق الحائط و تتجول في عالم صغير لا يزيد عن دائرة قطرها نصف متر و تعمل طول الحياة عملا ًواحدا ًلا يتغير هو نقل فتافيت الخبز من الأرض إلى بيتها تتصور أن الكون كله هو هذا الشق الصغير و أن الحياة لا غاية لها إلا هذه الفتفوتة من الخبز ثم لا شيء وراء ذلك.. و هي معذورة في هذا التصور فهذا أقصى مدى تذهب إليه حواسها !
أما الإنسان فيعلم أن الشق هو مجرد شرخ في حائط و الحائط لإحدى الغرف و الغرفة في إحدى الشقق و الشقة هي واحدة من عشرات مثلها في عمارة و العمارة واحدة من عمارات في حي و الحي واحد من عدة أحياء بالقاهرة و القاهرة عاصمة جمهورية...
و هذه بدورها مجرد قطر من عدة أقطار في قارة كبيرة اسمها أفريقيا و مثلها أربع قارات أخرى على كرة سابحة في الفضاء اسمها الكرة الأرضية, و الكرة الأرضية بدورها واحدة من تسعة كواكب تدور حول الشمس في مجموعة كوكبية.. و المجموعة كلها بشمسها تدور هي الأخرى في الفضاء حول مجرة من مائة ألف مليون شمس و غيرها مائة ألف مليون مجرة أخرى تسبح بشموسها في فضاء لا أحد يعرف له شكلاً..
و كل هذا يؤلف ما يعرف بالسماء الأولى أو السماء الدنيا و هي مجرد واحدة من سبع سماوات لم تطلع عليها عين و لم تطأها قدم و من فوقها يستوي الإله الخالق على عرشه يدبر كل هذه الأكوان و يهيمن عليها من أكبر مجرة إلى أصغر ذرة كل هذا يعلمه الإنسان على وجه الحقيقة..
و مع ذلك فما أكثر الناس أشباه النمل الذين يعيشون سجناء محصورين كل واحد منغلق داخل شق نفسه يتحرك داخل دائرة محدودة من عدة أمتار و يدور داخل حلقة مفرغة من الهموم الذاتية تبدأ و تنتهي عند الحصول على كسرة خبز و مضاجعة امرأة ثم لا شيء وراء ذلك رغم ما وهب الله ذلك الإنسان من علم و خيال و اختراع و أدوات و حيلة و ذكاء و رغم ما كشف له من غوامض ذلك الكون الفسيح المذهل...
أكثر الناس بالرغم من ذلك قواقع و سلاحف و نمل كل واحد يغلق على نفسه قوقعته أو درقته أو يختبئ داخل جحر مظلم ضيق من الأحقاد و الأضغان و الأطماع و المآرب .
نرى الذي يموت من الغيرة و قد نسي أن العالم مليء بالنساء و نسي أن هناك غير النساء عشرات اللذات و الأهداف الأخرى الجميلة.. و لكنه سجن نفسه بجهله و غبائه داخل امرأة واحدة و داخل جحر نملة واحدة التصق بها كما يلتصق بقطرة عسل لا يعرف لنفسه فكاكاً .
و نرى آخر مغلولاً داخل رغبة أكالة في الانتقام و الثأر يصحو و ينام و يقوم في قمقم من الكوابيس لا يعرف لنفسه خلاصاً و لا يفكر إلا في الكيفية التي ينقض بها على غريمه لينهش لحمه و يشرب دمه و نرى آخر قد غرق في دوامة من الأفكار السوداوية و أغلق على نفسه زنزانة من الكآبة و اليأس و الخمول.
و نرى آخر قد أسر نفسه داخل موقف الرفض و السخط و التبرم و الضيق بكل شيء ...
و لكن العالم واسع فسيح و إمكانيات العمل و السعادة لا حد لها و فرص الاكتشاف لكل ما هو جديد و مذهل و مدهش تتجدد كل لحظة بلا نهاية و قد مشى الإنسان على تراب القمر ,و نزلت السفن على كوكب الزهرة , و ارتحلت الكاميرات التليفزيونية إلى المريخ ..فلماذا يسجن الإنسان نفسه داخل شق في الحائط مثل النملة و يعض على أسنانه من الغيظ أو يطوي ضلوعه على ثأر؟ و لماذا يسرق الناس بعضهم بعضا ؟ و لماذا تغتصب الأمم بعضها بعضا و الخيرات حولها بلا حدود و الأرزاق مطمورة في الأرض تحت أقدام من يبحث عنها؟
و لماذا اليأس و صورة الكون البديع بما فيها من جمال و نظام و حكمة و تخطيط موزون توحي بإله عادل لا يخطئ ميزانه كريم لا يكف عن العطاء؟
لماذا لا نخرج من جحورنا و نكسر قوقعاتنا و نطل برؤوسنا لنتفرج على الدنيا و نتأمل ؟
لماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة و ما وراءها ثم إلى الله الذي جئنا من غيبه المغيب و مصيرنا إلى غيبه المغيب؟
لماذا ننسى أن لنا أجنحة فنجرب أن نطير و نكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن و نغوص في الوحل و نغرق في الطين و نسلم قيادتنا للخنزير في داخلنا لماذا نسلم أنفسنا للعادة و الآلية و الروتين المكرر و ننسى أننا أحرار فعلاً ؟
لماذا أكثرنا نمل و صراصير ؟
أقرأ هذه الأيام في كتاب " الروح والجسد " للدكتور مصطفى محمود وقد استوقفتني هذه الصفحات كثيراً ...
أتوقع بأن كل من يقرأها بتمعن سيستطيع أن يغير الكثير من أفكاره ... بل سيستطيع أن يُجدد حياته ويبدأ بحياة جديدة رائعة حقاً ..
هذه هي حقيقة حية بين أيديكم ينقلنا إليها هذا الرجل المبدع ...
أترككم مع كلماته وأتمنى لكم قراءة ممتعة ...
لماذا معظمنا نمل وصراصير ؟
النملة التي تسكن شق الحائط و تتجول في عالم صغير لا يزيد عن دائرة قطرها نصف متر و تعمل طول الحياة عملا ًواحدا ًلا يتغير هو نقل فتافيت الخبز من الأرض إلى بيتها تتصور أن الكون كله هو هذا الشق الصغير و أن الحياة لا غاية لها إلا هذه الفتفوتة من الخبز ثم لا شيء وراء ذلك.. و هي معذورة في هذا التصور فهذا أقصى مدى تذهب إليه حواسها !
أما الإنسان فيعلم أن الشق هو مجرد شرخ في حائط و الحائط لإحدى الغرف و الغرفة في إحدى الشقق و الشقة هي واحدة من عشرات مثلها في عمارة و العمارة واحدة من عمارات في حي و الحي واحد من عدة أحياء بالقاهرة و القاهرة عاصمة جمهورية...
و هذه بدورها مجرد قطر من عدة أقطار في قارة كبيرة اسمها أفريقيا و مثلها أربع قارات أخرى على كرة سابحة في الفضاء اسمها الكرة الأرضية, و الكرة الأرضية بدورها واحدة من تسعة كواكب تدور حول الشمس في مجموعة كوكبية.. و المجموعة كلها بشمسها تدور هي الأخرى في الفضاء حول مجرة من مائة ألف مليون شمس و غيرها مائة ألف مليون مجرة أخرى تسبح بشموسها في فضاء لا أحد يعرف له شكلاً..
و كل هذا يؤلف ما يعرف بالسماء الأولى أو السماء الدنيا و هي مجرد واحدة من سبع سماوات لم تطلع عليها عين و لم تطأها قدم و من فوقها يستوي الإله الخالق على عرشه يدبر كل هذه الأكوان و يهيمن عليها من أكبر مجرة إلى أصغر ذرة كل هذا يعلمه الإنسان على وجه الحقيقة..
و مع ذلك فما أكثر الناس أشباه النمل الذين يعيشون سجناء محصورين كل واحد منغلق داخل شق نفسه يتحرك داخل دائرة محدودة من عدة أمتار و يدور داخل حلقة مفرغة من الهموم الذاتية تبدأ و تنتهي عند الحصول على كسرة خبز و مضاجعة امرأة ثم لا شيء وراء ذلك رغم ما وهب الله ذلك الإنسان من علم و خيال و اختراع و أدوات و حيلة و ذكاء و رغم ما كشف له من غوامض ذلك الكون الفسيح المذهل...
أكثر الناس بالرغم من ذلك قواقع و سلاحف و نمل كل واحد يغلق على نفسه قوقعته أو درقته أو يختبئ داخل جحر مظلم ضيق من الأحقاد و الأضغان و الأطماع و المآرب .
نرى الذي يموت من الغيرة و قد نسي أن العالم مليء بالنساء و نسي أن هناك غير النساء عشرات اللذات و الأهداف الأخرى الجميلة.. و لكنه سجن نفسه بجهله و غبائه داخل امرأة واحدة و داخل جحر نملة واحدة التصق بها كما يلتصق بقطرة عسل لا يعرف لنفسه فكاكاً .
و نرى آخر مغلولاً داخل رغبة أكالة في الانتقام و الثأر يصحو و ينام و يقوم في قمقم من الكوابيس لا يعرف لنفسه خلاصاً و لا يفكر إلا في الكيفية التي ينقض بها على غريمه لينهش لحمه و يشرب دمه و نرى آخر قد غرق في دوامة من الأفكار السوداوية و أغلق على نفسه زنزانة من الكآبة و اليأس و الخمول.
و نرى آخر قد أسر نفسه داخل موقف الرفض و السخط و التبرم و الضيق بكل شيء ...
و لكن العالم واسع فسيح و إمكانيات العمل و السعادة لا حد لها و فرص الاكتشاف لكل ما هو جديد و مذهل و مدهش تتجدد كل لحظة بلا نهاية و قد مشى الإنسان على تراب القمر ,و نزلت السفن على كوكب الزهرة , و ارتحلت الكاميرات التليفزيونية إلى المريخ ..فلماذا يسجن الإنسان نفسه داخل شق في الحائط مثل النملة و يعض على أسنانه من الغيظ أو يطوي ضلوعه على ثأر؟ و لماذا يسرق الناس بعضهم بعضا ؟ و لماذا تغتصب الأمم بعضها بعضا و الخيرات حولها بلا حدود و الأرزاق مطمورة في الأرض تحت أقدام من يبحث عنها؟
و لماذا اليأس و صورة الكون البديع بما فيها من جمال و نظام و حكمة و تخطيط موزون توحي بإله عادل لا يخطئ ميزانه كريم لا يكف عن العطاء؟
لماذا لا نخرج من جحورنا و نكسر قوقعاتنا و نطل برؤوسنا لنتفرج على الدنيا و نتأمل ؟
لماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة و ما وراءها ثم إلى الله الذي جئنا من غيبه المغيب و مصيرنا إلى غيبه المغيب؟
لماذا ننسى أن لنا أجنحة فنجرب أن نطير و نكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن و نغوص في الوحل و نغرق في الطين و نسلم قيادتنا للخنزير في داخلنا لماذا نسلم أنفسنا للعادة و الآلية و الروتين المكرر و ننسى أننا أحرار فعلاً ؟
لماذا أكثرنا نمل و صراصير ؟
5 التعليقات:
السلام عليكم
كنت قد قرأت مقالته هذه من قبل وهي مذهله.
الان قولي لي من أين تحصلين على كتب د.مصطفى محمود؟ (لا اقصد كتب الكترونية بالطبع) فقد بحثت في عدة مكتبات ولم أجد.
قمت قبل فترة بطباعة كتب الكترونية في مطبعة واستخدامها ككتاب لكني مازلت افضل الكتاب الاصلي.
سؤال قد حق لنا أن نسأله في أيامنا المباركة هذه ... أيام الثورة والنصر
وفقك الباري.... وجزاك خير على النقل الرائع لهذه الدرر
لسنا نمل أو صراصير, لكن ربما بعدنا عن ديننا واهدافنا
بارك الله فيك ووفقك
ها قد بدأت فلول الأمل تظهر
وبدأ الكل يخرج من جحره ليسطر
صفحات من عالم جديد مشرق لهذه الأمة
كل يوم نستيقظ فيه نظنه الأمس نفسه ..
ربما وجدنا طريقة عيش هذه الحياة مريحة ..لاتحتاج سوى ما احتجته بالأمس.
لو تعمقنا أكثر قد نرى شمس ذلك اليوم الجديد -أخيرًا- ولكنناعندها أصبحنا مجانين ..!
لإنها ببساطة :قولبة للمفاهيم التي اصبحت قطعة منّا ..
لوهلة نظن أننا أخيرًا اصبحنا مختلفين ..ذلك التفكير يرعبني ..
ممتعة تلك الصفحات أفكر بشدة قراءة هذا الكتاب من زمن طويل ولكني لم أجده..
في النهاية الجواب .. هوالسؤال : لماذا نحن نمل وصراصير
دام لنا فكرك عزيزتي ..
إرسال تعليق